يوسف النو عضو متميز
عدد المساهمات : 235 نقاط : 253 تاريخ التسجيل : 31/01/2009 الموقع :
| موضوع: حبه عليه السلام لفاطمة الإثنين 24 مايو 2010 - 19:01 | |
| [size=12[b]] [size=18] [right][b][size=9][i] [right][i]وسئلت عائشة: من كان أحبّ الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ فقالت: فاطمة، قلت: إنّما أسألك عن الرجال، قالت: زوجها(1).
وعن حذيفة قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله لا ينام حتى يقبل عرض وجه فاطمة (2) وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إذا سافر، فآخر عهده إتيان فاطمة، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة(3).
ويقول النبيّ صلّى الله عليه وآله: فاطمة بضعة منّي، من سرّها فقد سرّني، ومن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعز البريّة عليَّ.
لا شك أن النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يحبّ فاطمة حبّاً جمّاً حتى عذله البعض في ذلك. والحبّ الشديد الذي قد يتجاوز المتعارف يصدر أحياناً من الأب لجهله وقصر نظره. إلاّ أنّ النبيّ الذي فيه قال الله تعالى: (وإنّك لعلى خلق عظيم)(4). وهو (لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى) (5)إنّما كان يحبّ فاطمة كل هذا الحبّ، لعلمه بمقامها الشامخ، ولأنّها أم الأئمة ومركز الولاية والإمامة، وأنّها المرأة النموذجية في الإسلام، والمعصومة من كل ذنب ودنس، ولا يعرفها حق المعرفة إلاّ الله ورسوله وعليّ، وهي الإشعاع الملائكي في الأرض، ومنبع النور السماوي الملكوتي التي يشمّ فيها الرسول صلّى الله عليه وآله رائحة الجنّة كلّما اشتاقها.
حياتها الشاقة:
عن سويد بن غفلة قال: أصابت علي عليه السلام شدّة فأتت فاطمة عليها السلام
ـــــــــــــــ (1) كشف الغمة ج 2 ص 88..
(2) كشف الغمة ج2 ص93.
رسول الله صلّى الله عليه وآله، فدقت الباب، فقال: اسمع حسّ حبيبي بالباب، يا أمّ أيمن قومي وانظري. ففتحت لها الباب فدخلت، فقال صلّى الله عليه وآله: لقد جئتنا في وقت ما كنت تأتينا في مثله؟ فقالت فاطمة عليها السلام: يا رسول الله صلّى الله عليه وآله ما طعام الملائكة عند ربنا؟ فقال: التحميد، فقالت: ما طعامنا؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده ما اقتبس في آل محمد شهراً ناراً، وأعلمك خمس كلمات علمنيهن جبرئيل عليه السلام؟ قالت: يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وما الخمس كلمات؟ قال: يا ربّ الأولين والآخرين، يا ذا القوّة المتين، ويا راحم المساكين، ويا أرحم الراحمين، ورجعت.
فلمّا أبصرها عليّ عليه السلام قال: بأبي أنت وأمي، ما وراءك يا فاطمة؟ قالت: ذهبت للدنيا وجئت بالآخرة. قال علي عليه السلام: خير أمامك، خير أمامك(1).
وذات يوم عاد رسول الله صلّى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام في وجع لها فقال: يا بنيّة كيف تجدينك؟ قالت: إنّي لوجعة وإنّه ليزيدني وجعاً أن ليس لي طعام آكله. فقال: أما ترضين أنك سيّدة نساء العالمين؟(2).
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: شَكَتْ فاطمة عليها السلام إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً فقالت: يا رسول الله صلّى الله عليه وآله ما يدع شيئاً من رزقه إلاّ وزعه بين المساكين. فقال لها: يا فاطمة أتسخطين في أخي وابن عمي، إنّ سخطه سخطي وإنّ سخطي لسخط الله(3).
وعن أسماء بنت عميس عن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله: أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله أتى يوماً فقال: أين أبنائي حسناً وحسيناً؟
قالت: أصبحنا وليس عندنا في بيتنا شيئاً يذوقه ذائق، فقال علي:
أذهب بهما إلى فلان اليهودي. فتوجه إليه رسول الله صلّى الله عليه وآله فوجدهما يلعبان في مشربة بين أيديهما فضل من تمر. فقال: يا علي، ألا تقلب إبني قبل أن يشتدّ الحرّ عليهما؟ قال: فقال عليّ: أصبحنا وليس في بيتنا شيء، فلو جلست يا رسول الله صلّى الله عليه وآله حتى أجمع لفاطمة تمرات وهو ينزح ليهودي كلّ دلو بتمرة حتى اجتمع له شيء من التمر، فجعله في حجره ثم عاد إلى البيت(1).
وعن موسى بن جعفر عليه السلام أنّه قال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله دخل على ابنته فاطمة عليها السلام وإذا في عنقها قلادة، فأعرض عنها، فقطعتها ورمت بها. فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله: أنت منّي يا فاطمة. ثمّ جاء سائل فناوله القلادة، ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: اشتد غضب الله على من أهرق دمي وآذاني في عترتي(2).
وعن أسماء بنت عميس أنّها كانت عند فاطمة إذ دخل عليها النبيّ صلّى الله عليه وآله وفي عنقها قلادة من ذهب أتى بها عليّ عليه السلام من سهم صار إليه، فقال لها: يا بنية لا تغترّي بقول الناس، فاطمة بنت محمد، وعليك لباس الجبابرة ـ فقطعتها لساعتها وباعتها ليومها واشترت بالثمن رقبة مؤمن فأعتقتها، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله فسرّ(3).
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا أراد السفر سلّم على من أراد التسليم عليه من أهله، ثمّ يكون آخر من يسلم عليه فاطمة عليها السلام، فيكون وجهته إلى سفره من بيتها، وإذا رجع مرّ بها.
فسافر مرّة وقد أصاب علي عليه السلام شيئاً من الغنيمة ورفعه إلى فاطمة فخرج فأخذت سوارين من فضّة وعلقت على بابها ستراً.
ـــــــــــــــ
فلمّا قدم رسول الله صلّى الله عليه وآله دخل المسجد فتوجّه نحو بيت فاطمة، كما كان يصنع، فقامت فرحة إلى أبيها صبابة وشوقاً إليه، فنظر فإذا في يدها سواران من فضّة، وإذا على بابها ستر، فقعد رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث ينظر إليها، فبكت فاطمة عليها السلام وحزنت وقالت: ما صنع هذا أبي قبلها، فدعت ابنيها فنزعت الستر من بابها وخلعت السوارين من يديها، ثمّ دفعت السوارين إلى أحدهما والستر إلى الآخر، ثمّ قالت لهما: انطلقا إلى أبى فاقرآه السلام، وقولا له: ما أحدثنا بعدك غير هذا فشأنك به. فجاآه فأبلغاه ذلك عن أمّهما فقبّلهما رسول الله صلّى الله عليه وآله والتزمهما وأقعد كلّ واحد منهما على فخذه، ثمّ أمر بذينك السوارين فكسرا فجعلهما قطعاً ثمّ دعى أهل الصفة ـ وهم قوم من المهاجرين لم يكن لهم منازل ولا مال ـ فقسّم بينهم قطعاً، ثم جعل يدعو الرجل منهم العاري الذي لا يستتر بشيء، وكان ذلك الستر طويلاً ليس له عرض، فجعل يؤزر الرجل فإذا التقيا عليه قطعه، حتى قسّمه بينهم أزراً.
ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: رحم الله فاطمة، ليكسونّها الله بهذا الستر من كسوة الجنة، وليحلينها بهذين السوارين من حلية الجنّة(1).
وعن عمران بن حصين قال: كنت مع النبيّ صلّى الله عليه وآله جالساً إذا أقبلت فاطمة فوقفت بين يديه فنظر إليها وقد غلبت الصفرة على وجهها، وذهب الدم من شدّة الجوع، فقال: ادني يا فاطمة، فدنت ثمّ قال: ادني يا فاطمة، فدنت حتى وقفت بين يديه، فوضع يده على صدرها في موضع القلادة وفرج بين أصابعه ثم قال: اللّهم مشبع الجاعة ورافع الوضعة لا تجع فاطمة بنت محمد. قال عمران: فنظرت إليها وقد غلب الدم على وجهها وذهبت تلك الصفرة(2).
ـــــــــــــــ
إنّ التأريخ العام والروايات تشهد أنّ حياة شخصيات الطراز الأول في الإسلام محمد صلّى الله عليه وآله، وعلي عليه السلام) وفاطمة عليها السلام كانت بسيطة جداً، وكثيراً ما تتخللها الصعوبات والمشقة. ولا غرابة في ذلك، إذا ما أخذنا الوضع العام للمسلمين ـ في زمانهم ـ بنظر الاعتبار، لأن الأكثرية الساحقة كانت من الفقراء والمعدمين، والأقلية القليلة التي كانت تتمتع بشيء من الغنى النسبي، اضطرت ـ تحت الضغوط وفراراً بالدين ـ إلى ترك مكّة، والهجرة إلى المدينة المنوّرة.
والمجتمع المدني لا يختلف عن المجتمع المكي، سوى أنّ الأقلية التي كانت تتمتع بالغنى النسبي، هنا اضطرت إلى مدّ يد العون والمساعدة للمهاجرين، وتقديم كل ما بوسعهم لهم ومواساتهم تكريماً لهم.
ثم إن الإسلام والمسلمين كانوا يمرون بأزمة حادّة، ومنادي الجهاد يدعوهم للتعبئة العامّة دائماً، وهم في حالة إنذار قصوى وإنشغال بالحرب والدفاع، ولهذا كان من الصعوبة بمكان انتعاش الوضع الاقتصادي ودعمه.
وحياة أهل البيت عليهم السلام كانت مواساة للفقراء والمساكين، وترفعاً عن الترف والترهل، فذلك لا يليق بهم ولا يناسبهم، مع أنّ النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله والإمام علي عليه السلام كانا يعملان بيديهما ولهما سهم في الغنائم ـ كسائر المسلمين ـ، ويمكنهما أن يعيشا في سعةٍ وحياة أفضل.
ولكن كيف يشبع الرسول صلّى الله عليه وآله، وصهره وابنته وبطون فقراء المدينة غرثى، وصرخاتهم مدوية؟
وكيف تسدل بنت النبي صلّى الله عليه وآله ستراً على بابها، وفي المسلمين من يجلس عارياً في المسجد؟!
وكيف يلبس الحسنان أسورة الفضة. وأطفال المسلمين جياع يسمعان أنينهم؟
لقد اقتحمت جماهير المسلمين المستضعفة ميادين المعارك والتضحية، وقدموا أرواحهم في سبيل الأهداف الرسالية المقدّسة، وهم بعد لم يدركوا معنى الوحي جيّداً، ولا زالوا في صدر الإسلام وأيّامه الأولى، ولا زالت عقولهم في عيونهم.
ذلك لأنّ النبي صلّى الله عليه وآله نفذ وهيمن على قلوبهم وأرواحهم. ولأنّه صلّى الله عليه وآله وأهل بيته الطاهرين عليّ وفاطمة عليها السلام واسوا سائر المسلمين، جاعوا حين جاعوا وتألّموا حين تألّموا وحرموا حين حرموا، وكانوا أول من يعمل بما يقولونه ونموذجاً عملياً وتجسيداً حياً لأوامر الإسلام قولاً وفعلاً.
ولقد دعوا الناس بأعمالهم وسلوكهم إلى الإسلام والتضحية والعطاء ولكن…
[/size][/b] [/i][/size][/right][/size][/b] [/i][/right] | |
|