كيف نتعرف على وباء التيفوئيد؟
إن القضاء على هذا المرض المعدي في متناولنا، مثلما هو الحال في البلدان المتقدمة، رغم ظهوره أكثـر في البلدان الفقيرة عند الفئات المحرومة التي تعيش في ظروف بائسة دون أبسط مرافق الحياة ولا أدنى شروط النظافة.
يزيد انتشار مرض التيفوئيد أكثر فأكثر رغم تعميم اللقاح المضاد لهذا الداء (الذي تبقى نجاعته ناقصة) خاصة في المدن الكبرى، حيث يكثر التردد على المطاعم المتواضعة التي غالبا ما تكون النظافة فيها غائبة. ويعود سبب الداء إلى جرثوم السالمونيل الذي ينتقل إلى الإنسان سواء عن طريق الأطعمة كالخضر الطازجة أو الحليب ومشتقاته الملوثة أو الماء الشروب. كما يمكن للحشرات مثل الذباب أن ينقل الجرثوم إلى الإنسان وكذلك الأواني الملوثة. كما أنه بإمكان الإنسان الذي أصيب بالداء في وقت ما وشفي من لكنه بقي حاملا للجرثوم، أن ينقل هذا الأخير لغيره وخاصة إذ كان يعمل في مطعم مثلا أو في مصنع المواد الغدائية... الخ.
ما هي أعراض حمى التيفوئيد؟
تبدأ أعراض المرض في الظهور بعد مرور أسبوع أو أسبوعين على دخول الجرثوم في جسم المصاب، أولا بالحمى التي ترتفع شيئا فشيئا عكس النبض الذي يصبح بطيئا، ثم أوجاع الرأس واضطرابات هضمية كفقدان الشهية، الإسهال، الجفاف وغياب النوم. وقد تتطور حالة المريض إلى حد البهوت وفقدان التركيز والانهيار. أما عند الفحص، فغالبا ما نكتشف ظهور نقط حمراء على الصدر والبطن ما بين اليوم السابع والعاشر وانتفاخ الطحال وجفاف اللسان الذي يظهر أبيض في الوسط ومحمر على الأطراف.
أما عند القيام بالتحاليل الدموية فنحصل على انخفاض عدد الكريات البيضاء الذي يمثل علامة هامة في داء حمى التيفوئيد، لكن التشخيص يتم باكتشاف الجرثوم في الدم.
تطور مرض التيفوئيد
قد يودي مرض التيفوئيد بحياة المصاب في غياب العناية الطبية اللازمة، وخاصة عندما يظهر المرض على شكل وباء وإصابة عدد هام من الأفراد سواء في مراكز جماعية مثل الثكنات العسكرية أو المدارس الداخلية وغيرها في المجتمع. أما في الحالات الأخرى فقد يخلق مضاعفات خطيرة، سواء على مستوى الأمعاء كالإدماء الوافر أو ثقب المعي والتهابه، أو على مستوى الكبد والمرارة أو القلب والأوعية الدموية أو على مستوى الجهاز العصبي أو التنفسي أو البولي والعضلات.. الخ، كل الجسم معرض للمضاعفات التي قد تصبح في منتهى الخطورة في غياب الرعاية الطبية المستعجلة التي تتطلب إشفاء المريض وتناوله المضادات الحيوية الخاصة بالمرض.
يختلف تطور مرض التيفوئيد حسب السن والحالة الصحية للشخص المصاب، حيث غالبا ما تكون أغلب العلامات غائبة عند الشخص المسن، لكن المضاعفات كثيرة وخاصة القلبية ومنها والتنفسية التي كثيرا ما تكون سببا في الوفاة.
غالبا ما يكون المرض عند الطفل هينا دون أعراض كثيرة، لكن يبقى احتمال إصابة الأمعاء بمضاعفات كالتهاب الزائدة أو إصابة السحايا أو الرئة.. الخ، واردا ويتطلب كل الانتباه. أما الرضيع فيتأثر كثيرا بالمرض ويحتاج إلى رعاية خاصة وكذا الوقاية.
إنه بالإمكان القضاء على هذا المرض العدوي، مثلما هو الحال في البلدان المتقدمة، رغم ظهوره أكثر في البلدان الفقيرة عند الفئات المحرومة التي تعيش في ظروف بائسة دون أبسط مرافق الحياة ولا أدنى شروط النظافة.
الوقاية من مرض التيفوئيد تتطلب قبل كل شيء ضمان الماء الطاهر الصالح للشرب وقنوات صرف المياه القذرة ومساكن لائقة وطرق معبدة، ثم مراقبة المواد الغذائية كالحليب والخضر ومعالجة المصابين بالداء إلى حد شفائهم التام والبحث عن حاملي الجرثوم (دون إصابتهم بالمرض)، والذين يحتاجون إلى علاج مكثف هم أيضا حتى يتم القضاء على الجرثوم نهائيا، كما يبقى التلقيح ضد مرض التيفوئيد إجباريا وضروريا.
يكون المصاب بداء التيفوئيد قد شفي نهائيا من المرض، عندما تصبح التحاليل سلبية أي لا تحتوي على جرثوم السالمونيل مرتين على التوالي. أما عند اختفاء الأعراض فقط دون التأكد بالتحاليل، فإن المريض غالبا ما يصبح حاملا للجرثوم دون ظهور أعراض المرض عليه، فيتواصل عبره المرض في الانتشار لأن هذا الحامل للجرثوم يصبح خزانا لجرثوم السالمونيل الذي يستمر في الانتشار ما بين الناس.